Blogger Widgets

News Update :

حبيب الغريبي :من يقول أن "الجزيرة" ساهمت في اسقاط أنظمة عربية يهضم حق الشعوب التي انتفضت على الأنظمة الاستبدادية





من يقول أن "الجزيرة" ساهمت في اسقاط أنظمة عربية يهضم حق الشعوب التي انتفضت على الأنظمة الاستبدادية - الصحفي يجب أن يكون بلا لون ولا طعم ولا رائحة -القضايا الجانبية طغت على المشهد السياسي ببلادنا - حوار: محمد صالح الربعاوي - لم نرتب معه موعدا مسبقا ولكن الصدفة وحدها جمعتنا الخميس الماضي بالاعلامي الحبيب الغريبي الذي رغم تعدد التزاماته فإنه قبل بتلقائيته المعتادة الحديث معنا في عديد المواضيع التي تطرح أكثر من نقطة استفهام في الوقت الراهن.
الغريبي الذي كان ومايزال من أفضل سفراء الاعلام التونسي شدد على أن اعلامنا مازال يعاني من أمراض مزمنة تتطلب وصفات عاجلة حتى يتسنى له تحقيق النقلة النوعية التي مازالت مطمح كل الأطراف كما دعا الاعلاميين إلى ضرورة تكوين جبهة موحدة للتصدي للمخاطر التي تواجه الحريات الصحفية.
الحبيب الغريبي تطرق معنا كذلك الى السياسة التي تنتهجها قناة الجزيرة الى جانب تقييمه للمشهد السياسي التونسي من خلال هذا الحوار...
 ٭ مرحبا بك في وطنك وأريد أن أسألك في البداية عن إطار هذه الزيارة؟
- وجودي في تونس كان في إطار المشاركة في ندوة نظمتها إذاعة صفاقس بمناسبة خمسينيتها وطرحت فيها موضوع الاعلام الجهوي ومكانته في المشهد الاعلامي العام.. ومشاركتي في هذه الندوة لها خصوصية باعتبار أني كنت ابن هذه الإذاعة ومسيرتي انطلقت بها منذ منتصف السبعينات والى الآن اعتبر أن هذه الإذاعة مدرسة بأتم معنى الكلمة. وأتمنى أن تعود الى ماضيها كإذاعة قرب..وهذا هو الدور الذي يفترض ان تلعبه الإذاعات الجهوية خاصة أنه في الفترة السابقة تم إلغاء كل هذه الخصوصيات لأن الإذاعات الجهوية كانت لا لون ولا طعم ولا رائحة لها والآن نحتاج الى أن يكون إعلامنا أقرب ما يمكن الى المواطن.
٭ لابد أنه الحنين الى بيتك الأول؟
- ليس من السهل أن تنسى الحضن الذي احتضنك في فترة من الفترات ولابد أن أؤكد هنا أن الاعلام تم تحريف مفهومه الاعلام يشمل كل ما له علاقة بالكتابة وكل ما له علاقة بالثقافة وبالرياضة ومفهوم الاعلام أشمل والاعلام السمعي ربما هو أقدر على أن يجسّد فعلا هذا المفهوم.
٭ رغم بعدك ووجودك في قناة الجزيرة فالأكيد أنك تتابع الاعلام التونسي وترصد على الأقل أبرز ملامحه، فكيف تقيمه الى حد الآن في ظل تباين المواقف بشأنه؟
- للأمانة- وأتحمل مسؤوليتي- لأن كلامي أو مقاربتي وحكمي لا ينبع من الانطباعات ومجرد الأفكار العابرة.
أنا أدعي أني أتابع الاعلام التونسي حتى في ارهاصات الثورة وأتابع كل ما يكتب وكل ما ينشر وكل ما يذاع إلا أنه بالنهاية أنا ابن هذا البلد، وابن هذه البيئة الاعلامية ، المؤسف في الأشهر الأولى من الثورة التمست الكثير من الأعذار للاعلام التونسي حتى يعيد موقعه نفسه بعد تراكمات وافترضت أنه لابد من بعض الوقت حتى يتمكن الاعلام من اصلاح نفسه بنفسه لكن بعد حوالي سنة اتضح لي أن هناك أمراضا مزمنة في الاعلام التونسي أطرافها متعددة والآن الكرة يقع تفاذفها بين الاعلام والمؤسسات الاعلانية والحكومة.
٭ هل يمكنك تشخيص هذه الأمراض المزمنة ولو نسبيا؟
- بحكم أنه لم يكن لي ولن يكون لي اي انتماء لعائلة سياسية أو فكرية ومن منطلق الحرفية فالصحفي يجب أن لا يكون مصطفا لان الاصطفاف لاحزاب وجمعيات وغيرها سيؤثر حتما على آداء عمله والأفضل للصحفي أن يكون بلا طعم ولا لون ولا رائحة وهذه ضمانات الموضوعية وضمانات الحيادية وضمانات الجرأة في العمل الصحفي.
والزاوية الوحيدة التي يجب أن ننخرط فيها بشكل كامل هي المهنية ومن الأمراض التي مازالت تنخر الميدان هي غياب المهنية بدرجات متفاوتة ودعني أقول أن الصحافة المكتوبة الى حد ما أقل حدة. المشكل الكبير هو في الاعلام السمعي البصري والتلفزيون بالتحديد والمسألة لا يمكن تفسيرها دائما بأنها معارك سياسية أو حرب مواقع بين الاعلامي والحكومة بل أنا ببساطة أذكر مثلا تونسيا معبرا وأبلغ في تعبيره من أي كلام آخر وهو «كون صيد وكولني» بما يعني أن الحرفية والمهنية هي الضمانة الوحيدة والسد المنيع أمام كل التجاذبات الخارجية وطالما أن هناك غيابا في المهنية أو ضعفا في الأداء المهني فهذا يكون ثغرات يمكن أن تتدخل منها أطراف أخرى.
فالمهنية هي الضمانة الوحيدة في كل شيء وهذا ما هو مفقود بدرجة كبيرة .
٭ في اعلامنا السمعي البصري ما هي اقتراحاتك لمعالجة مكامن الضعف والخلل لتجاوز النقائص في الوقت الراهن؟
- المسألة ليست ابرة في كومة تبن نبحث عنها وإنما هي واضحة وهناك ما يسمى بالتطوير الذاتي يعني ليس فقط أن ننتظر الآخر وإنما مسؤولية الاعلامي اليوم كبيرة في تطوير آدائه والمعرفة أصبحت متاحة بغضّ النظر عن الهياكل .
والمشكلة التي نمر بها أنه أصبح الكثير من السياسة في علاقتنا ببعضنا . وما أدعو إليه أن نضع السياسة جانبا ونقوم بعملنا بصفته المجردة.
ثم لابد من تكثيف الدورات التدريبية بشكل مستمر بما من شأنه أن يطوّر فعليا من آداء الصحفي. ولم لا يخصص نصف وقت الصحفي للتكوين وخاصة بالنسبة للتلفزيون باعتبار أنّ له أدوات مزدوجة (صوات وصورة).
والاعلامي لابد كذلك أن يستأنس بتجارب ناجحة أخرى، صحيح أن هنالك خصوصيات بالنسبة للاعلام التونسي بحكم الظرف السياسي الحالي لكن هذا لا ينفي أنه يمكن النقل على هذه التجارب ولست أتحدث هنا بالضرورة عن قناة الجزيرة لانه قد يكون فيها أخطاء ولكن هنالك تجارب أخرى لابد من الاستئناس بها والمعادلة معروفة وينبغي أن نذهب إليها مباشرة.
٭ وجه إلى قناة الجزيرة الكثير من الانتقادات واعتبر البعض أنها تعمل وفق أجندا معينة باتت واضحة للعيان أكثر بعد موجة الثورات العربية فكيف ترد على هذه الاتهامات وتؤكد حياد القناة عن رسالتها الاعلامية؟ وإلى أي حد تصح هذه الانتقادات؟
- أنا لست لسان دفاع على قناة الجزيرة لكن أكيد أن كل مشروع قد تكون له أخطاؤه. والجزيرة نفسها لم تجد أي غضاضة في فترات معينة من الاعتراف بأخطائها المهنية وهذا طبيعي لأنه ليس من الممكن أن ننظر إلى مشروعها على أنه مثالي.
بالنسبة لمسألة الاجندا فإن هذا الكلام يقال منذ تأسيس قناة الجزيرة وأنا في تقديري أن الجزيرة ربما حجم عملها وحجم أدائها وحجم اشعاعها هو الذي يفسح المجال لمواقف قد تكون ظالمة في حقها.
وإذا قارنا الجزيرة بقنوات أخرى حتى أن كانت محلية فربما تكون الأجندات أوضح وبشكل بارز أكثر ولكن لا نتدحث عنها ولا نتهمها.
٭ واتهام قناة الجزيرة بانتهاج سياسة المكيالين باعتبارها تعمل على اسقاط أنظمة دون أخرى مع غض الطرف على البلدان الخليجية التي تمارس حولها تعتيما اعلاميا كان لافتا وأصبح مستفزا بالنسبة للبعض؟
- دائما يقال أن قناة الجزيرة كانت آداة رئيسية في معالجة اسقاط أنظمة في الثورات العربية وهذا في الواقع يقال كثيرا ويبدو لي أنه قد يرتقي الى وصمة عار على جبين الشعوب التي ثارت على وضعها، فإذا كانت شعوب تونس ومصر تنتظر الجزيرة حتى تقوم بالاطاحة فهذا أمر مجحف وغير صحيح لأن هذه الشعوب ثارت من أجل أسباب موضوعية.
وفي النهاية ما فعلته الجزيرة أنها كانت صدى لنبض الشارع خاصة أنه منذ بدايتها كانت تحاول أن تقترب من الناس ومشاغلهم وهمومهم .
وطبعا حراك بمثل ما حصل في الثورات العربية لا يمكن للجزيرة أن تتخلف عليه.
وفي الثورة التونسية ورغم اجماع العالم على أن النظام السياسي فاسد وقامع ومع ذلك فإن المهنية اقتضت حتى قبل 14 جانفي ان تحاول الجزيرة استضافة مسؤولين حكوميين وهو ما حصل في مناسبات عديدة وذلك يؤكد احترامها لمعادلة الرأي والرأي الآخر.
٭ بعيدا عن الثورات العربية لا ننسى أن الجزيرة عتمت على أحداث البحرين والسعودية وما كان يدور أحيانا في قطر؟
- قد تكون التغطية أقل بحكم الحراك نفسه لأن مصر مثلا التي تعد 80 مليونا تستحق بالتأكيد الى تغطية اعلامية أكبر وأوسع وأشمل.
لكن لما كنا نشاهد قوات درع الجزيرة تدخل البحرين من شاشة بعض الفضائيات غابت تلك الصور على قناة الجزيرة بشكل وجهت فيه إليها الكثير من الانتقادات؟
- أذكر هنا أني لست ناطقا باسم الجزيرة أو لسان دفاعها. وفضيلة الجزيرة ان بداخلها أصواتا مختلفة».
وصحيح قد تكون تغطية احداث البحرين أقل لكن لعدة اعتبارات موضوعية.
٭ لا ننسى موجة الاستقالات التي شهدتها قناة الجزيرة وشملت عديد الأسماء التي صرحت بحقائق صدمت الرأي العام بشأن ما يدور في كواليس القناة من خدمة اجندات وغيرها؟
- إذا افترضنا جدلا أنه فيه خدمة أجندات ماذا كان يفعل هؤلاء وقد بقوا فترة طويلة ولم يحركوا ساكنا.
لنكن واضحين فإن بعض الاستقالات لها طابع شخصي ومهني بحت وهذا طبيعي ربما شخص يريد أن ينتقل لتجربة أخرى أما أن يكون لها طابع سياسي أو ثأري فأنا أتصوره غير أخلاقي.
٭ أكيد أنك تتابع الحملات الموجهة ضد الاعلام التونسي من أكثر من جهة فكيف تنظر إليها؟
- طبيعي أن الحكومة مهما كانت لونها فإنها لن تفرط بسهولة في وسائل الاعلام العمومية وهذا ليس فقط في العالم الثالث وانما حتى في بعض البلدان الديمقراطية وهنا ينبغي على الصحفيين والاعلاميين أن يشكلوا جبهة واحدة ولكن للأسف ما أشاهده هو تشتت، هو عدم فهم للمعركة الحقيقية لأنه بدون اعلام مستقل ننسى الديمقراطية .
أنا ما أعيبه على الاعلاميين أنهم مشتتون اليوم ولا يحملون نفس القناعات وربما تتداخل أحيانا مصالح وحسابات وهذا ما يوجد ثغرات وفجوات كبيرة تتدخل منها بعض الأطراف أبرزها الحكومة فعلا.
وأدعو الى جبهة موحدة للاعلاميين للتصدي لكل محاولات الالتفاف على حرية الاعلام وفي نفس الوقت أدعو الى أن يكون الإعلام مهنيا لأنه كما سبق وأن أكدت المهنية هي الضمانة لاستقلالية الاعلام.
٭ هل يمكن لبعض الاعلاميين الذين حاولوا ضرب الثورة ووصف الثوار من خلال بعض الريبورتاجات بأنهم «مخربين وملثمين» أن يصدقهم المواطن اليوم وهم يتكلمون بـ«لغة الثورة»؟
- أنا لست قادرا أن أوفر جوابا باتا أو حاسما في المسألة لكن الصحافيين من المفروض أنهم يقومون بعملية نقد ذاتي -لأني كلمة تطهير لا أحبذها- وعلاش لا تكون عملية مكاشفة وليس بالضرورة أن تكون عملية محاسبة لاننا نعرف النظام الذي كان سائدا ولا يمكننا أن ندعي اليوم أن الاعلاميين لم يكونوا أبطالا وعلى الأقل إذا وصلنا لمرحلة المكاشفة والمصارحة والاعتذار العلني ثم أن هنالك امكانية لتطوير الآداء وهذه مرحلة هامة لابد أن نمر بها .
٭ انت متابع للمشهد السياسي التونسي بتفاصيله الدقيقة فإلى أي مدى نجحت الحكومة الشرعية في تسجيل بعض الخطوات من وجهة نظرك؟
- لو تعللنا بعامل الوقت فإن عاما يكون «شويه» والمسألة ليست مسألة وقت ولابد من وجود مشروع مجتمعي ومشروع حكم وبرنامج واضح المعالم وليس بالضرورة أن تصل الى تطبيقه بنسبة 100% قد لا تبلغ منه إلا نسبة ضئيلة لكن وجود المشروع والأهداف يكون مطمئنا للناس لكن ما ألاحظه أن هناك تذبذبا سياسيا هناك ضياع، هناك متاهة، وربما طغت قضايا جانبية ليست عناصر بناء للمستقبل، هناك تضارب مشاريع ورؤى ، وأطراف جديدة دخلت على الساحة ربما تخلط الأوراق كلها.
وأتصور أن المشهد السياسي وهذا ينسحب على الحكومة والمعارضة -والى حد الآن -ضبابي.
صحيح أننا نجحنا في جزء من خارطة الطريق لكن لابد للأوضاع أن تتغير والآن نحن في حالة مراوحة ولابد من «خضّة» كبرى حتى تقلع البلاد نسبيا .
٭ لابد أن ننهي معك هذا الحوار بإمكانية عودتك الى التلفزة التونسية؟
- هذا السؤال طرح علي وحتى على بعض زملائي في بدايات الثورة.
في المطلق الفكرة موجودة لكن لابد أيضا من وجود مشروع وأن هذه الأطراف جزء من المشروع.
والى الآن لا أرى أي مشروع اعلامي وإذا توفر هذا المشروع وكان ربما فيه نسبة نجاح ولو ضئيلة تكون المساهمة فيه وطنية لكن المشروع الاعلامي غائب الى حد الآن وتتقاذفه عديد الأطراف. والبيئة الاعلامية التونسية اليوم ليست عنصرا جاذبا أو حاضنة للاعلاميين الذين يعملون في الخارج.
المصدر:الصباح


Share this Article on :
 

© Copyright Tunisie-Media 2010 -2011 | Design by chhobca | Published by liberta media | Powered by liberta.