Blogger Widgets

News Update :

آمال المثلوثي في الشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة وتحول الشارع إلى ركح شاسع ينبض بالموسيقى وينتصر للفن والحياة







كانت الاحتفالات باليوم العالمي للموسيقى بتونس  التي صادفت يوم الخميس ( 21 جوان ) تحمل طعما مختلفا هذا العام. فكثيرون توقعوا أن تكون امتحانا لمدى استعداد التونسيّين لطي الصفحة المؤلمة التي عاشوا على وقعها مؤخرا

بسبب ما يعرف بأحداث العبدليّة. صحيح سرعان ما تفطن التونسيون إلى أن " قضية العبدلية " التي تم التعلل بوجود لوحات معروضة بمناسبة ربيع الفنون بالمرسى الذي انتظم مؤخرا وقيل أنها تمس من المقدسات لإعلان حرب ضروس على الإبداع والمبدعين وصلت إلى حد تهديد الفنانين في أرواحهم  كانت مقصودة والهدف منها التحريض على مزيد من الانشقاقات والصّدامات التي برزت في البلاد منذ فترة لكن الأحداث لم تمرّ دون أن تترك مرارة وعدة أسئلة حول نوايا البعض في هذا البلد وإلى أي حد هم مستعدون للمضي قدما في تحقيق مآربهم الخاصة حتى وإن لزم الأمر التضحية بأمن البلاد واستقرارها وإعاقة مشروعها في  الانتقال  الديمقراطي. وبالتالي فإنّ احتفالاتنا باليوم العالمي للموسيقى لم تكن مجرد مساهمة تونسية في الاحتفالات باليوم العالمي للموسيقى وإنما انتظرنا أن تكون محرارا نقيس من خلاله درجة تأثّر التونسي بالدّعوات التي تقلل من شأن الفنون في حياة البشر ودرجة تأثره بالمشاريع الجديدة التي " تبشر" بها بعض التيارات أو الحركات التي لا مجال للفن وللثقافة وللفكر -ما عدا ما يخدم توجهاتها  - في برامجها المهداة للشعب التونسي باسم الرغبة في إعادته إلى السكة الصحيحة.  

على كل كان الحضور الجماهيري يوم الاحتفال باليوم العالمي للموسيقى في بلادنا لوحده إجابة صريحة وتفنيدا لادعاءات  المشكّكين وتفنيدا للفرضيات التي رجحت رغبة التونسي في العودة عن عادته في عشق  الفنون وتأييده للإبداع . لقد تبين أن التونسي لا يشجع الموسيقى ولا يقبل على الاستماع إليها فقط وإنما يحمل الإحساس بالموسيقى في دمه وفي جيناته والتونسيون كغيرهم  من الشعوب المتحضرة تحتل الثقافة مكانة كبيرة في حياتهم وقد وجهوا رسالة للعالم وهم يقبلون يوم أول أمس بأعداد غفيرة على شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة لحضور الحفلات التي تمت برمجتها في إطار احتفال بلادنا باليوم العالمي للموسيقى, رسالة مفادها أنه شعب حي يفقه في الفنون وفي الثقافة والفكر.  
لقد تهيأ للبعض وفي غفلة من الشعب  وفي زحمة انشغال البلاد بمشاكل الحياة اليومية أنه من الممكن أن يقع تمرير مشاريع ظلامية على التونسيين, مشاريع  لا مكان فيها للفنون ولا مكان فيها للحريات الفردية. لقد تهيأ للبعض أنه يمكن فرض مشاريعهم القائمة على تحريم الفنون وقتل ملكة الإبداع في الإنسان للوصول به إلى كائن آلي لا يثيره العود وأوتاره والربيع وأزهاره. كائن بلا  إحساس وبلا انفعالات ما عدا ما هو مبرمج له ومسموح به.   
لكن التونسييّن الذين أقبلوا على أغلب العروض ولاسيّما عرض النجمة أمال المثلوثي بشارع الحبيب بورقيبة التي وهبت صوتها للحرية لم يكونوا مجرد مارة عرضا من هناك وإنما أقبلوا مع سبق الإصرار وكانوا من المشاركين الفاعلين في العروض. رددوا مع الفنانين الأغاني وتفاعلوا معهم مما منح الأجواء حميمية كبيرة وجعل الساحات الكبرى بالعاصمة وشوارعها تتحول للحظة ما -ربما كانت  قصيرة بقياس الزمن ولكنها كبيرة  بما حملته من شحنة معنويّة- إلى محراب للفنون.  
لقد قدّم التونسيون دليلا آخر يوم الخميس رغم التهديدات ورغم الحرب المعلنة مباشرة على الفنّانين والمبدعين على أنهم من أنصار الفن والإبداع والمبدعين.  
إن التونسيين عشاق الموسيقى الذين ينفعلون مع الأنغام وتحركهم الإيقاعات هم ببساطة حملة مشروع حضاري وحياتي لا يعيش في ظله الفرد كي يأكل وإنما يأكل كي يعيش والغذاء الروحي عنده لا يقل قيمة عن غذاء البدن. 

Share this Article on :
 

© Copyright Tunisie-Media 2010 -2011 | Design by chhobca | Published by liberta media | Powered by liberta.